نوع المستند : المقالة الأصلية
المؤلف
طالب ماجستير
المستخلص
تُعتبر فترة الوجود المملوكي في مَكَّة المُكَرَّمَة, والمدينة المُنَوَّرَة (648- 923ﻫ / 1250- 1517م), من أعظم الفترات التي مَرَّت بها مدن الحِجَاز بصفةٍ عَامَّةٍ, حيث صَحِبَ قيام الدَّولَة المملوكِيَّة تغييراً جذرياً في جميع مناحي الحياة, فقد خَلَّفُوا بيئةً رفيعةَ المستوى, غَنِيَّةً في أفكارها, وحياتها, وتقاليدها, وآدابها, وأخلاقها, ومُطَعَمَّةً بخُلاصة الحضارات القديمةِ من فَارِسِيَّةٍ, ورُومِيَّةٍ, ومصريَّة, وهِنْدِيَّةٍ, وازداد التَّطور والتَّرف في ذلك العصر, بعد أن عرف المسلمون طرائق هذه الأطعمة, وأخذوا يتفننوا ويتنوعوا في تجهيز ألوان هذه الأطعمة التي لم يكن للعرب الأوائل عهدًا بها.
وقد تضافرت جهود فئات عديدة للوصول إلى المستوى المطلوب, كالتُّجَّار الذين يجلبون بعض أصناف الطَّعام أو مُتطلباته من بُلْدَانٍ أُخرى، كالطَّبَّاخين والشَّرَّائبين - صانعوا الشَّرَاب - والأطباء, والأُدَبَاء, فضلًا عن رغبات أهل اليسار, فكان لجهود هؤلاء جميعاً شيوع أنواعٍ كثيرةٍ من الأطعمة التي ابتكروها أو طَوَّرُوها, ولم يكن الاهتمام مقصورًا على فئةٍ من النَّاس دون غيرها, وإنما كان يشمل أغلب النَّاس على اختلاف مُستوياتهم الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة، كلٌّ حسب طاقته.
ومَكَّةَ المُكَرَّمَة بلدةٌ مُستطيلةٌ, لا عُشبَ فيها ولا ماء, والجِبَالُ مُحدقةٌ بها كالسُّور لها, والحجاز عامةً هواؤه حرور, يُنْحِف الأجسام, ويُجَفِّفُ الأدمغة, ويُسقط الهِمم, ويَبعث على الإحن, وهو بلدٌ محل قحط, وجدب, وضنك.
ومن أشهر الأودية التي تكتنف المدينة المُنَوَّرَة وادي العقيق, هواؤه عذب, وتُربته خصبة, وكانت به الحدائق الغَنَّاء. ومُناخ المدينة شديد البرودة في الشِّتَاء, وشديد الحرارة في الصَّيف, مُعتدلٌ في الخريف, وهي بلدُ النَّخيل, ولا تزال حقول القمح, والخضروات, والفواكه, والشَّعير مُنتشرة بضواحيها.
الكلمات الرئيسية
الموضوعات الرئيسية